الأربعاء، 25 فبراير 2009

بما انهم لم يزوروا اسرائيل، فهم بأحسن حال "يهود البحرين"

.


ان كنت تريد ايجاد معبد يهودي بإحدى دول الخليج العربي، فليس هناك سوى البحرين. تلك المملكة الصحراوية الصغيرة الموصولة بالمملكة العربية السعودية بواسطة جسر الملك فهد الممتد بمسافة 15 ميل

لكن لا تتوقع ايجاد مطاعم كوشير* او مظاهر و تقاليد يهودية في أرض تعج بالمساجد و المآذن، كون ان عدد اليهود في البحرين يعادل 36 شخص بالمقارنة بباقي الشعب المكون من 700 الف نسمة

و مع ان العدد قليل بهذه الصورة، لكنها تدلنا على ان الوجود اليهودي المعاصر بمجلس التعاون لدول الخليج العربي يقتصر على البحرين


"الجالية سعيدة جداً" هذا ما قالته نانسي خضوري - يهودية بحرينية : "الناس لطيفون جداً. تعلمت هنا ، و أصدقائي من الطفولة هنا ، و قد قبلوني كما أنا، فالمجتمع منفتح جداً "

تعتبر البحرين الأصغر مساحة من بين مجموع 22 دولة يجمعها سقف الجامعة العربية، و تصغر قليلاً اذا قُرنت بمدينة نيويورك . تعتمد في مدخولها على الموارد النفطية و مشتقاتها، و معدل دخل الفرد بها يُقدر بـ 19 الف دولار سنوياً، اي اقل من مدخولات جيرانها كقطر و الإمارات العربية المتحدة

في حين يخفى علينا عدد اليهود المغتربين و الذين يعملون بدول الخليج العربي بعقود عمل حكومية أو بشركات خاصة، إلا ان في البحرين فقط يتضح تواجدهم، و هذا يُعد مصدر إعتزاز و فخر للمسؤولين في البحرين، لكونها قد كسبت أخيراً على اتفاق للتجارة الحرة مع الولايات المتحدة. و قد تم الحصول على الإتفاقية بعد ان تخلت البحرين عن مقاطعة الشركات التي تتعامل مع اسرائيل

نانسي خضوري، و التي قد اصدرت كتاباً يتحدث عن شأن يهود البحرين، قالت بأن ما يقرب من 1500 يهودي عاشوا بالبحرين قد اتوا كلهم تقريباً من العراق، و ذلك في بدايات العقد الثامن من القرن التاسع عشر و قد برزت عائلات يهودية في مجالات التجارة و الصرافة كعائلة النونو و خضوري


روبن روبن، احدى يهود البحرين، يعمل بمجال الإلكترونيات. ولد في عام 1954 ميلادية من عائلة سفرديه قدمت من بغداد. يقول :

"في الثلاثينيات و الأربعينيات من القرن الفائت، كانت المنطقة الواقعة على طول طريق المتنبي يُعرف بإسم "شارع اليهود" و ذلك لتواجد العديد من المتاجر التي يمتلكها اليهود هناك. و كانت المتاجر تُغلق في يوم السبت لكونه يوماً مقدساً


معظم الأمور تغيرت بحلول عام 1948 مع تأسيس دولة اسرائيل. فاندلعت أعمال الشغب، و اُحرقت المعابد اليهودية و هاجر معظم اليهود البحرينيون إلى بريطانيا

حتى الستينيات من القرن المنصرم كان لا يزال هناك تواجد يهودي يُقدر تعداده بـ 200 إلى 300 يهودي، لكن بعد قدوم عام 1967 استنفر المناهضون لإسرائيل بإشعال فتيل الشغب مرة اخرى في أعقاب حرب الأيام الستة، و بها انتهت حياة الطائفة اليهودية في البحرين


اليوم، نادراً ما نجد يهودياً معنا و هذا لقلة عددهم، تقول نانسي خضوري بأن اخر جنازة اقيمت هنا كانت في عام 2001، فبالكاد استطعنا توفير "المنيان" **

"الجالية تنقرض" و اكملت : لا يوجد لدينا هنا رابي "رجل دين"، فلذا يستوجب علينا اجراء جميع المراسيم الدينية في الخارج. اغلب اليهود المتبقون في البحرين لا يجدون نصفهم الآخر هنا بسبب قلة عددنا، و نادراً ما يتم التزاوج بيننا و العرب


لم نستطع اخذ تعليق من رئيس الجالية اليهودية الغير رسمي "ابراهيم داوود النونو" و احد اعضاء مجلس الشورى بالبحرين، لكننا قد علمنا بأنه قد رمم معبداً من أمواله الخاصة

و قد اعلمنا روبن روبن بأن السقف بدأ بالتساقط، و به تم اتخاذ قرار الترميم داخلياً و خارجياً. و أضاف بأن الجالية كانت تنوي منح مبنى المعبد للجمعيات الخيرية، لكن الحكومة اصرّت بأن تتركه لنا و ان يظل كمعبد يهودي

في الواقع، تم تحويل ما هو ديني كالمعبد اليهودي إلى السياق السياسي. فما هو ملصق على المعبد بالبحرين يدلنا على ذلك، فقد ورد في اللاصق كلمة "لا" بالإضافة لتعليق اعلام للولايات المتحدة الامريكية و اسرائيل مع وجود نص لرسالة يقول :

"كل دينار يُدفع لشراء سلعة امريكية يذهب لقتل فلسطيني، و كل دينار يُدفع للشعب الفلسطيني يساعد في إعادة حقوقهم"

و بذلك يُعتبر المعبد مغلقاً، كما الحال مع المقبرة اليهودية


نعود لروبن الذي يشير بأن 95 بالمائة من زبائنه هم بحرينيون، و معهم لا يشعر بأي نوع من التمييز، و عن سؤالنا له إن كان سيسافر إلى اسرائيل، قال :

"لا استطيع السفر إلى هناك مالم يحل السلام على العرب و اليهود". و قد شاطرته في الرأي أيضاً نانسي خضوري ، و قد اضافات على رأيهما المشترك، بأنهم بحرينيون، و لو قُدمت لهم كنوز الدنيا لما تركوا البحرين، فهذا وطنهم

.

من الصحيفة الإلكترونية : النشرة الإسبوعية اليهودية

اكتوبر 2006

.

____________

* الكوشير : كلمة عبرية تعني حرفياً "مناسب" أو "صالح" وفي الفقه اليهودي تعني "الطعام المباح شرعا"

** منيان : بالعبرية, النصاب اللازم تلمودياً للقيام بطقس ديني يهودي, وهو عشرة رجال

ليست هناك تعليقات: